الوصول الي السعاده


 

السعادة ليست معجزاتٍ وخوارق

تسألني عن السعادة فتقول: متى أصِلُ إليها؟

فأقول لكَ: السَّعادة ليست محطةً تصِلُ إليها،

وإنما طريقٌ تمشي فيها!
يا صاحبي،

غيِّر نظرتكَ للعالم،

يتغيَّرُ العالم في نظرك!

عندما تبحثُ عن السعادة خارج قلبكَ،

فستبقى تبحثُ عنها إلى الأبد!

وعندما تبحثُ عنها في قلبكَ،

فستجد أنك قد عثرتَ عليها كما يتعثرُ المرءُ بضالته!

سعادتُكَ تبدأ منكَ أنت وليس من الآخرين!

صحيح أن الإنسان لا يعيشُ وحده على ظهر هذا الكوكب،

وأن الناس لا يستغنون عن الناس،

ولكن ما أعنيه أن تكون أنتَ سيد حياتكَ،

تعيشُ لأجل مبادئك، ولو رآها الناس رثةً!

ولا تنحني أمام رياح التغيير،

إن كنتَ تعرفُ أنها ستغيِّركَ للأسوأ!

يا صاحبي،

ما ضرك انحناء الناس ما دمتَ ثابتاً،

وما نفعكَ ثباتهم لو انحنيتَ!

احترامك لنفسك شأن شخصي،

لا علاقة للآخرين به،

وأن تعرف هذا، فقد عرفتَ أول خطوات السعادة!

يا صاحبي،

لا تكُنْ حسوداً،

إن الحسدَ لا يُفسِدَ النعمة في أيدي الآخرين،

ولكنه يُفسِدَ نِعمكَ أنتَ في نظركَ!

فانظُرْ دوماً إلى ما في يدك،

تجده كثيراً!

ولا تنظُرْ إلى ما في أيدي الناس،

لأنك ستزدري كل ما في يدك،

ولا سعادة إلا لقانع، فاقنعْ تَسعَدْ!

يا صاحبي،

لا تتحسرْ على الماضي،

الماضي لنتعلمَ منه الدرس فقط،

لا لأجل أن نعيشَ فيه!

لا تسمحْ للذي ذهبَ عنكَ أن يذهبَ بكَ!

ولا للذي غدركَ أن يُغادر بكَ!

كُنْ مديناً لكل صفعةٍ لأنها أنضجتكَ.

ولكل خداعٍ لأنه علّمكَ أن لا تُفرط الثقة،

ولكل تعثر لأنه علمكَ كيف تقِفْ مجدداً،

طيُّ صفحة الماضي لا يعني أنك نسيته،

وإنما يعني أنكَ لن تسمحَ له أن يتحكم بكَ،

وهذا من السعادة، فاطوِ الصفحة!

يا صاحبي ،

لا تكُن هشاً،

تبكي من كل خدشٍ،

وتسقُط من كل ضربة،

وتتشكى كالأطفال من كل موقف،

تجلَّدْ، وتعلم كيف تنهضُ بنفسكَ كل مرّةٍ!

وأن تتقبل جراحكَ على أنها تذكاراتٍ من أيام صعبةٍ عجزتْ أن تقتُلك،

في الصلابة سعادة، فكُن صلباً!

يا صاحبي،

السعادة لا تعني أن تُحقق إنجازاتٍ خارقة،

أشياء بسيطة تصنعُ السعادة فلا تستصغر نفسكَ!

في رضا أبويك سعادة لو تلذذت بها،

وفي استغفارك من الذنب سعادة لو تأملته،

وفي الطاعة سعادة لو عشتها بقلبك،

وفي الدمعة التي تمسحها، والخاطر الذي تجبره، واليد التي تمدها سعادة!

السعادة ليست معجزاتٍ وخوارق،

السعادة إنجازات صغيرة بحب، فأحبَّ نفسكَ!

والسّلام لقلبكَ

من كتاب السلام عليك يا صاحبي

فن العيش الحكيم





« كما أن البلد السعيد هو الذي لا يستورد، فإن الإنسان السعيد هو

الذي يكتفي بذاته ويملأ عليه غناه الداخلي كل حياته، ولا ينتظر من

الآخرين سوى أقل القليل الذي يُسليه ويُروَّح به عن نفسه. فهو

موقن بأن أي توريد من خارجه، لابد أن يُكلفه ثمناً باهظاً وخطيراً ألا

وهو الإنصياع، فكل توريد من هذا الصنف هو لا محالة مجلبة للهم

والغم، ولن يكون بالمحصلة إلا مادة بديلة لا ترقى إلى جودة

منتوجات الأرض التي نمتلكها»

- شوبنهاور

فن العيش الحكيم

تعليقات